حميدتي رجل السلام والمصالحات القبلية في السودان

الخرطوم: الضواحي- بقلم – دكتور عبدالمجيد عبدالرحمن أبوماجدة – إنّ السلام اسم من اسماء الله الحسنى، وبنائه لم يكن بالأمر الساهل بلّ هو يحتاج لعزيمةٍ وإصرارٍ ونكران ذات، بجانب تنازلات هنا وهناك .
ويرى الباحثون في القانون الدولي إنّ مشوار صناعة السلام في السودان لم يكن هيناً بلّ كان شاقاً وطويلاً ومضنياً وفيه تحديات وعقبات كؤودة واجندات محلية و إقليمية ودولية لكن بعزيمة رجل السلام دقلو ، ووفده المفاوض استطاعوا تحويل العقبات إلى فرص لصناعة السلام رغم التحديات.
صانع السلام
أكد رئيس المجلس الأعلى للسلام في حديث سابق سليمان دبيلو إن ّ نائب رئيس المجلس السيادي الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” كان له القدح المعلى في أن يتقدم الصفوف قبل الآخرين وبادر بعملية السلام قبل أن تبدأ المفاوضات في “جوبا” فذهب إلى إنجمينا بحثاً عن السلام الآمن عبر الشقيقة تشاد، وبفضل الرئيس إدريس ديبي التقى بقادة الحركات المسلحة ؛ فتباحث معهم ووصل معهم لتفاهمات هي التي مهدت الطريق لعملية السلام في جوبا عاصمة جنوب السودان .
يرى الباحث الأكاديمي دكتور أبو ماجدة إنّ حركات الكفاح المسلح شعروا بالأمان اثناء التفاوض مع الوفد الحكومي برئاسة “حميدتي” وقدموا تنازلات من الطرفين حتى توصلوا لاتفاق جوبا لسلامالسودان برعاية الاتحاد الافريقي ودول “الايغاد” والجامعة العربية والامم المتحدة ودول الترويكا واصدقاء السودان .
ويؤكد الجميع أن حميدتي أُسدل الستار لأطول حرب شهدته السودان ؛ التي استمرت لأكثر من خمسة عشرة عاماً بين ابناء الوطن الواحد اُزهقت فيها أكثر من “350” الف قتيل من المدنيين والعسكريين وتم فيها تشريد اكثر من “8” مليون مواطن من مناطقهم ولجأ اكثر من “1” مليون مواطن من اقليم دارفور الي دول الجوار وباقي دول دول العالم ؛ تحرقت فيها عشرات القرى .
إنّ قضية دارفور اتخذ فيها مجلس الأمن الدولي التابع للامم المتحدة ؛ عشرات القرارات التي تدين الانتهاكات الجسيمة التي وقعت للمدنيين خارج إطار القانون ؛ كما وجهت محكمة الجنايات الدولية تُهماً للمسؤولين في النظام السابق على رأسهم رأس النظام المخلوع عمر البشير وبعضاً من مساعديه
إنّ النزاع الذي وقع في اقليم دارفور غربي السودان قد اقعد الدولة السودانية طويلاً وحرمها من النمو والتطور والازدهار واللحاق بركب الأمم المتقدمة والمتحضرة .
بناء الثقة
هناك الكثير من الناس الذين ينظرون لاتفاق سلام السودان في “جوبا” بأنه سلاماً ناقصاً ولم يحقق أي شيء على ارض الواقع ؛ لكن هؤلاء لم يفكروا تفكيرياً عقلانياً ؛ لانّ اتفاقية اوقفت الحرب وجعلت أطراف العملية السلمية الموقعة لإتفاق ملتزمة بتعهداتها مع الحكومة بتوقيعها لبرتكول وقف إطلاق النار .
اتفاقية سلام جوبا على الرغم من انها لم تجد الدعم المالي واللوجستي من الامم المتحدة والدول المانحة لاكمال عملية الترتيبات الامنية ؛ لحركات الكفاح المسلح من دمجٍ وتسريح ؛ واعادة النازحين لقراهم إلاّ انّ المجتمع الدولي لم يوف بالتزاماته تجاه عملية السلام.
انحاز حميدتي لخيار الشعب ودعم الثورة قلب موازين القوة لصالح الشعب السوداني ؛ حيث هتف الثوار “حميدتي الضكران الخوف الكيزان” وتم تعليق صورته على كبري القوات المسلحة، لهذا يرى الخبراء في علم الاجتماع ان عملية بناء السلام تحتاج لتضافر كافة الجهود والمساعي الحميدة والنوايا المخلصة لتنزيل السلام في أرض الواقع يمشي بين الناس في ثقافتهم ومعاشهم ومأكلهم ومشربهم، لذلك لا بد من أن تكون هناك إرادة قوية لصناعة السلام، ووقف النزوح الداخلي في إقاليم السودان عامة ودارفور خاصة.
ويرى المراقبون للمشهد السوداني إنّ حميدتي أدرك ان نوايا الصادقة والإرادة الحقيقية لبناء السلام يتطلب استصحاب جميع الأطراف والمجتمعات المحلية تعزيز السلم الاجتماعي بجانب توفير الدعم المالي إلاقليمي والدولي في كل المنابر والمحافل المختلفة حتى يعم السلام كل أرجاء الوطن .
رجل المصالحات
اشاد الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الترويكا واصدقاء السودان بالسلم الاجتماعي الذي حققه نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان في ملف المصالحات المجتمعية بولايات دارفور، واستطاع حماية المدنيين في غرب دارفور من التشريد والاقتتال إلى الأمن والاستقرار وتحويل الصراع القبلي والجهوي إلى ألانتاج والإنتاجية انعكست ايجاباً في الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية.
يرى المراقبون عن بعد ان حميدتي الضكران الخوف الكيزان ظل على مدى اربع سنوات راعي السلام في صمت من دون كلل أو ملل وفي احلك الظروف الصعبة التي تمر بها السودان، حتى يعم الأمن والاستقرار كل ربوع السودان لانه يعلم إن طريق السلام لم يكن مفروش بالورود كما يظن البعض ولكن بحكمته إزالة كافة المخاطر ، وحولت قوات الدعم السريع تحمل في يديها اليمني معول البناء والتعمير وعلى يدها اليسرى السلاح لحماية المدنيين وتأمين الموسم الزراعي وإغاثة المتضررة من السيول والامطار والفيضانات ؛ الامر الذي ادى الى الامن والاستقرار ؛ وعاد عدداً كبيراً من النازحين الي قراهم مما جعل خريف هذا العام مبشراً ، فهل يستحق حميدتي لقب رجل السلام والمصالحات القبلية في السودان؟
كاتب وباحث سوداني
Abdulmajeedaboh@gmail.com