لماذا طردت فرنسا من أفريقياالوسطى؟

الخرطوم : الضواحي- رجل يحمل لافتة كتب عليها على الجيش الاستعماري الفرنسي مغادرة النيجر خلال مظاهرات ضد الوجود العسكري الفرنسي في النيجر كناية عن نسبة تدهور الكبير في علاقة فرنسا مع شعوب أفريقيا، حيث خسرت العديد من المناطق التي كانت تستعمرها لسنوات طويلة في الآون الأخيرة.

بالأمس القريب أعلنت هيئة الأركان العامة الفرنسية، خروج آخر جندي فرنسي من أفريقيا الوسطى، ضمن المهمة اللوجيستية في هذه الدولة الأفريقية، بعد انسحابها بفترة قليلة من غرب أفريقيا.

وقالت هيئة الأركان الفرنسية في بيان صحفي “اليوم 15 كانون الأول/ديسمبر غادر آخر جندي فرنسي ضمن المهمة اللوجستية في جمهورية أفريقيا الوسطى على متن طائرة عسكرية متجهة إلى باريس”.

الوجود الأمريكي في دول الساحل

يرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي صالح محمد عبد الله ان الرمال بدأت تتحرك تحت أقدام فرنسا منذ أغسطس الماضي، حيث خرج آخر جندي فرنسي من مالي، التي بدورها عززت التعاون العسكري مع روسيا، كما.

ويقول الكاتب صالح عبدالله العديد من الدول تسعى إلى التخلص من الفرنك الأفريقي، وهي العملة التي أنشأتها باريس لمستعمراتها السابقة، وترتبط بالفرنك الفرنسي، ويجري تداولها اليوم في نحو 14 دولة أفريقية، 12 منها من مستعمرات فرنسا السابقة.

في ذات السياق قال الخبير السياسي نائب رئيس حزب الشعب الفدرالي إن فرنسا فقدت نفوذها بشكل شبه كامل في المنطقة الأفريقية، وأن انسحابها من غرب أفريقيا ووسط أفريقيا جاء بعد فشلها في العمليات الأمنية هناك، ورغبة الشعوب هناك في إنهاء الوجود الفرنسي.

الصراع الروسي الأمريكي في أفريقيا

يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة باماكو، محمد أغ إسماعيل” إن بكل تأكيد تعاني السياسة الأفريقية لفرنسا تراجعا ملحوظا في ظل حكم ماكرون”في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن فشل فرنسا في ملف “الأمن والاستقرار” في أفريقيا الفرنكفونية، أسفر عن مناهضة شعبية لسياسة باريس.

ويرى الخبير السياسي بشؤون القرن الإفريقي عبده إدريس إن التراجع الفرنسي مع تنامي أدوار قوى أخرى كروسيا والصين وتركيا وأمريكا في القارة، كما يدل انسحابها من أفريقيا الوسطى وقبلها الساحل الأفريقي.

وأوضح الخبير عبده إدريس إن التراجع الفرنسي في أفريقيا انعكس ذلك على الجانبين الاقتصادي والثقافي، حيث نجحت الشركات الصينية في التضييق على نظيراتها الفرنسية في القارة، وأصبحت النداءات إلى تدريس اللغة الانجليزية التخلي عن الفرنسية التي أصبحت ترمز للإمبريالية الجديدة، حسب قوله.

رغم الاستقلال الذي منح 14 دولة استقلالها عام 1958، إلا أنه ظل صوريا، حيث أبقى على نفوذ باريس في التحصُّل على أي مواد خام تُكتشف هناك، واحتكار الأنشطة الأمنية والتدريب العسكري.

فيما قال مدير مركز رصد الصراعات في الساحل الأفريقي باريس الدكتور محمد علي كيلاني، إن الفرنسيين أنهوا عمل قواعدهم لأن الأوروبيين تساءلوا كثيرا عن دور قواتهم في أفريقيا، والتي تتدخل في الصراعات السياسية والمسلحة.

وأضاف كيلاني لـ”سبوتنيك”، أن تدخل أوروبا لدفع الثمن المترتب على ذلك كان أحد الأسباب أيضا، بالإضافة إلى الدخول الأمريكي للمنافسة في أفريقيا، بعد أن رأت عدم قدرة فرنسا على الاستمرار في ذلك، الأمر الذي اتضح جليا في التدخل الأمريكي في الأزمة التشادية، بالإضافة لمطالبة البرلمان الأوروبي ببقاء باريس على الحياد من الصراعات الأفريقية.

الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يخاطب وسائل الإعلام عقب مؤتمر مع المستشار الألماني، أولاف شولتز، حول أزمة الطاقة عبر رابط فيديو، في قصر الإليزيه الرئاسي،

ويرى كيلاني أن الغارة الجوية التي شنها طيران مجهول في أفريقيا الوسطى، تشير بقدر كبير إلى محاولات باريس للانتقام لخروجها، خاصة في ظل عدم قدرة أي طيران على شن هجمات هناك سوى الطيران الفرنسي.

ويشير كيلاني إلى أن فرنسا قد لا تبقى كثيرا في بعض الدول الأفريقية بناء على المعطيات الدولية الجديدة، وأن باريس تفسح المجال لواشنطن، وأن القمة الأفريقية الأخيرة بمثابة المسمار الأخير على نفوذ باريس في أفريقيا.

فيما قال الدكتور إسماعيل محمد طاهر الأكاديمي التشادي، إن انسحاب فرنسا من أفريقيا الوسطى يأتي بعد انسحابها من غرب أفريقيا، خاصة من مالي، وإنهاء “عملية برخان”، وكذلك تعليق نشاطها العسكري في المنطقة منذ 2021، يشير إلى توجهها نحو تعزيز تواجدها في منطقة الساحل.

من أفريقيا الوسطى
Comments (0)
Add Comment